الصعوبة

مفهومها، حقيقتها، وكيفية التعامل معها

هل الصعوبة حقيقة أم مجرد انعكاس لقدراتنا؟ 🤔

مفهوم من شأنه أن يكسر نمط تفاعلنا مع المواقف والتحديات الصعبة 🚀🔍

عندما نقول إن عملا ما “صعب”، فنحن في الحقيقة نصف انطباعنا عن قدرتنا على إنجازه في تلك اللحظة، وليس طبيعة العمل نفسه. وبالتالي، إذا نمت قدرتنا عبر التدريب والممارسة، فإن إحساسنا بالصعوبة يتلاشى تدريجيا. هذا الفهم يعيد تشكيل طريقة تعاملنا مع التحديات، سواء في الحياة الأكاديمية أو المهنية أو حتى في الحياة اليومية.

الصعوبة ليست خاصية ذاتية في المطلوب، بل هي انطباع ناجم عن عدم كفاية القدرة اللازمة لإنجازه. “

كم مرة واجهت مهمة بدت لك في غاية الصعوبة، ثم مع مرور الوقت والممارسة أصبحت تؤديها بسهولة؟ هل الصعوبة خاصية ثابتة في المهام والتحديات، أم أنها مجرد انعكاس لمستوى قدرتنا الحالية؟ هذه الأسئلة تقودنا إلى مفهوم جوهري في الحياة والتعلم، وهو أن :

نسبية الصعوبة​

في الكثير من الأحيان، نميل إلى الاعتقاد من حيث لا نشعر بأن المهام الصعبة تمتلك هذه الصفة ذاتيًا، أي أننا نراها صعبة على كل شخص وفي كل ظرف. لكن الواقع يثبت عكس ذلك؛ فما يعتبره أحدهم سهلًا قد يكون صعبا للغاية بالنسبة لشخص آخر، والعكس صحيح.

لنأخذ مثالًين بسيطًين :

    – حل معادلة رياضية متقدمة قد يكون سهلًا لعالم رياضيات، لكنه يبدو مستحيلا لطالب مبتدئ.

    – إلقاء خطاب أمام جمهور قد يكون أمرًا مألوفًا لمتحدث محترف، بينما قد يراه شخص خجول أمرًا شديد الصعوبة.

هذا يعني أن الصعوبة ليست خاصية جوهرية في المهمة نفسها، بل تعتمد على مستوى المعرفة والمهارة والخبرة التي اكتسبها الشخص الذي يؤديها. وبالتالي، فإن ما يبدو صعبًا اليوم قد يصبح سهلًا غدًا مع التدريب والتطوير المناسبين.

مفتاح تحويل الصعوبة إلى سهولة

إذا كانت الصعوبة مجرد انعكاس لمستوى القدرة، فإن الحل واضح : زيادة القدرة تقلل من الشعور بالصعوبة. وهذا يمكن تحقيقه من خلال :

1. التدريب المنتظم :

أي مهمة يتم التدرب عليها باستمرار تصبح أكثر سهولة بمرور الوقت. العقل البشري لديه قدرة هائلة على التعلم والتكيف، وبالتالي، كلما تعرضنا لمهام صعبة، كلما زادت مهارتنا في أدائها.

2. التدرج في التحديات:

يمكن التغلب على الصعوبات عبر تقسيم المهام الكبيرة إلى أجزاء أصغر، والتدرج في مواجهتها وفقًا للقدرة الحالية.

3. التعلم الفعال :

التكرار بحد ذاته ليس كافيًا، بل يجب أن يكون مصحوبًا بأساليب تعلم فعالة، مثل تحليل الأخطاء وتصحيحها، واتباع طرق علمية للتعلم.

4. المراجعة والتقييم المستمر :

كلما كان هناك تقييم دوري للأداء وانفتاح لتلقي النصيحة والانتقاد، كان من السهل تحديد نقاط الضعف والعمل على تحسينها.

الجانب النفسي للصعوبة

إلى جانب كونها مسألة قدرة، فإن الصعوبة ترتبط أيضًا بالجانب النفسي والإدراكي. فالأشخاص الذين ينظرون إلى التحديات على أنها فرص للنمو، بدلًا من كونها عقبات لا يمكن تجاوزها، هم الأكثر قدرة على تحقيق النجاح.

هناك 

ثلاثة عوامل نفسية

تؤثر في إحساسنا بالصعوبة :

        – الخوف من الفشل :

الشعور بأننا قد نفشل في المهمة يجعلها تبدو أصعب مما هي عليه في الواقع.

        – التوقعات المسبقة :

التوقعات المسبقة : إذا دخلنا في مهمة ونحن مقتنعون بأنها “صعبة للغاية”، فمن المرجح أن نجدها صعبة حقًا بسبب التأثير النفسي لهذه القناعة.

        – الثقة بالنفس :

الثقة بالنفس : كلما كانت لدينا ثقة أكبر بقدراتنا، كلما تضاءل الشعور بالصعوبة.

بالتالي، فإن تطوير عقلية النمو (Growth Mindset) ، التي تركز على التعلم المستمر والمرونة في مواجهة التحديات، يساعد في تحويل المهام الصعبة إلى فرص للتطور.

أمثلة من الواقع

في مختلف المجالات، نجد أمثلة واضحة على كيف يمكن للتدريب المستمر والتطوير الذاتي أن يغيرا إحساسنا للصعوبة :

في التعليم :

طالب اللغة الذي يجد صعوبة في التحدث بطلاقة يمكنه التغلب على هذه المشكلة بالممارسة اليومية والاحتكاك بالمجتمع الناطق باللغة.

في الرياضة :

في الرياضة : الرياضيون المحترفون كانوا في البداية يجدون بعض الحركات والتقنيات صعبة، لكن عبر سنوات من التدريب أصبحت جزءًا طبيعيًا من أدائهم.

في السياقة :

عندما يبدأ الشخص في تعلم السياقة، يواجه صعوبات عديدة، مثل التنسيق بين الفرامل والدواسات، وفهم كيفية التعامل مع السيارة في مختلف الظروف. بعد عدة حصص تدريبية، يبدأ المتعلم في اكتساب الثقة، وتصبح بعض الحركات تلقائية. يصل إلى مرحلة لا يحتاج فيها إلى التفكير في كل حركة يقوم بها، بل يقوم بها بشكل طبيعي. أما السائق المتمرس فيمكنه التحدث أو الاستماع إلى الموسيقى أثناء القيادة، لأن دماغه أصبح مبرمجًا على التعامل مع السياقة بسهولة.

كيف نتعامل مع الشعور بالصعوبة؟

إذا وجدت نفسك أمام مهمة تبدو صعبة، فكر في هذه الخطوات العملية :

1 – غيّر طريقة تفكيرك: 

بدلًا من أن تقول “هذه المهمة صعبة”، قل “أنا بحاجة إلى مزيد من التدريب لإتقانها”.

2 – ابدأ بالخطوات الصغيرة: 

لا تحاول مواجهة المهمة دفعة واحدة، بل قسّمها إلى مراحل يمكن التعامل معها تدريجيًا.

3 – تعلم من الآخرين:

ابحث عن أشخاص واجهوا نفس التحدي من قبلك، وتعلم من تجاربهم واستراتيجياتهم.

4 – استمر في المحاولة:

لا تتوقع أن تصبح الأمور سهلة بين ليلة وضحاها، فكل مهارة تحتاج إلى وقت وجهد لكي تصبح مألوفة.

إدراك أن الصعوبة مجرد انعكاس لمستوى القدرة الحالية وليس خاصية ثابتة للمطلوب هو خطوة جوهرية نحو تطوير الذات والنجاح في مختلف مجالات الحياة. ما يبدو صعبًا اليوم قد يصبح سهلًا غدًا مع التدريب والممارسة المستمرة.

إذا تبنينا هذا الفهم، فلن يكون هناك ما يسمى “مهمة مستحيلة”، بل فقط تحديات يمكن تجاوزها بالتصميم والتطوير المستمر. فهل ستنظر بعد اليوم إلى الصعوبة بنفس الطريقة، أم أنك ستبدأ في البحث عن الطرق التي تجعلك تتجاوزها؟

ساهم في نشر هذا الفكر

مشروع التمكين

المساعدة على تذليل الصعوبات عبر تنمية القدرات

(Problem to Power)

تابع قناتنا على تلغرام

انضم لنادي رواد

Shopping Basket